Canalblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

La terre est ma patrie et l'humanité, ma famille

6 septembre 2013

زبالة الياسمين

إنتابني شعور بالقرف والإشمئزاز، واستحوذ عليّ إحساس بالغربة والإحباط والخيبة، عندما شققت طريقي من شارع الحرّيّة متّجها إلى محطّة الأرتال عبر شارع الحبيب ثامر ونهج جمال عبد النّاصر ثمّ نهج إسبانيا ونهج بلجيكا. وكنت أنوي الرّجوع بمخيّلتي إلى أيّام خلت من سنين حياتي حين كنت طفلا في الخمسينات،  وشابّا في أواسط السّتّينات و السّبعينات، حيث اللّعب و المرح ثمّ اللّهو والتّجوال، لمّا كنّا نخرج من أزقّة المدينة العتيقةالعابقة بأريج تاريخها الممتدّ في أعماق الأزمنة الغابرة، لنرتمي في شوارع الحيّ العصريّ حيث الحداثة والفخامة والرّقيّ، لننتقل في وهلة وجيزة من الزّيتونة والأسواق والحجّامين والحفصيّة والحلفاوين وباب سويقة  والدّيوان وعنق الجمل  وصبّاط الظّلام والتّربخانة وتربة الباي إلى لافيجري وجول فيري وشارل ديقول ولافايات ولامارين والبورتيغال وجون جوراس وبوزانسون و ماتز وقامبيتا والبلفيدير. مررت في جولتي تلك أشقّ طريقي فوق الزّبالة، وتحيط بي القمامة من كلّ جانب، تقتحم أنفي روائح كريهة وتغزو أعيني مشاهد مقرفة وتغتصب أذناي ضوضاء الهمجيّة والوقاحة والذّوق الدّنيء. إنتصاب همجيّ لباعة فوضويّين واكتساح بلطجيّ لنازحي ما بعد الثّورة. عذرا سادتي الكرام، المدينة ياتيها الرّيفيّ فتكسوه بأناقتها، والحضارة يَقدِم إليها البدويّ فيتزيّن برفاهتها، ولكن ...هنا أتوقّف...لكي لا أثلب في بني وطني بجهويّة واستعلاء، وهم من أنجزوا ثورة "الياسمين"...ليشتمّ العالم عبيق زبالتنا

Publicité
Publicité
5 septembre 2013

جهل و...ديموقراطيّة

من السّخافة أن يُهيّأ المسكين نفسه لمأدبة غداء فاخرة وهو مُعْدَمٌ في صباح يومه، ومن البلاهة أن يَحْجِز الأُمِّيّ مقعدا في مكتبة وطنيّة ليَنْهَلَ من مُحتويات المعاجم القيّمة، كما من الغباوة أن ينتظر حصادا وفيرا من زرع حبّا في قفار صحراويّة مالحة. فالمسكينُ لا بدّ له من اتّخاذ الأسباب لينهضَ بحاله ويصبحَ في عداد الميسورين ليَنْعمَ بما لذّ و طاب من المأدُبات، والأمّيّ عليه بِإماطة الجهل والإستنارة بالتّعلّم لكي يغرف من مناهل العلوم، وعلى من أراد حصادا وافرا أن يزرع في أرض خصبة معطاء. كذلك لا ينعم بالحرّيّة من كانت له أخلاق العبيد، ولا الكرامة تَسْعَدُ بها النّفسُ الخسيسة، ولا العِزّة تشرح صدرَ دنيءٍ تعوّد لعْق الأحذية

سخافة ومسكنة وبلاهة وجهل وغباوة وعبوديّة وخساسة ودناءة ....لا تتناغم مع حرّيّة و...ديموقراطيّة

و...كما تكونوا... يُوَلَّى عليكم

  

5 septembre 2013

ويحكم، كيف تفكّرون؟

ليس من واجب المواطن المسلم أن يغمض عينيه في اتّباع من أولاهم أمره، فالعاقل الكيّس ليس إمّعة ينقاد من أذنيه ويوافق على الأبيض والأسود، ممّن "يَنْزِل به الأمر فلا يعرفُه فيأتي ذَوِي الرَّأي فينْزِل عند رأيهم(الفاروق)"، وحجّته في ذلك نقاوة و طهارة ونضال من هم في الحكم. فأسياد هؤلاء -وأسياد أسيادهم- صرّحوا بواضح القول بنصح الحاكم وتقويمه وردعه :"وُلِّيتُ أَمَرَكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ ، فَإِنْ أَنَا أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي وَإِنْ أَنَا أَسَأْتُ فَسَدِّدُونِي(الصّدّيق)"،  و"لا خير في قوم ليسوا بناصحين(الفاروق) ". فأنتم يا "مناصري" النّهضة التي ناصرناها ونصرناها، هل اتّبعتم أقوال الفاروق والصّدّيق؟ أم أنّكم من قائلي :"السّياسة بحر عميق وله أهله"؟ وتشبّثتم بتلابيب "الغوّاصين" ينزلون بكم إلى أعماق دهماء لجّيّة متى شاؤوا ويصعدون بكم إلى السّطح متى أرادوا، فلربّما اعترضكم حوت يونس عليه السّلام ليبتلعكم و غوّاصيكم ،ولكنّه لن يتقيّأكم لأنّ غوّاصيكم ليسوا بأنبياء-أم أنّ لكم شكّ في ذلك؟

فكيف بربّكم تمدحون من جلبته النّهضة إليها حتّى وإن كان من المفسدين؟ ثمّ لا تلبثوا حتّى تكيلوا له الشّتائم بجميع أنواعها إذا انسلخ عنها؟ فإن كان رجلا فهو زنديق فاسد تجمّعيّ ومن الأزلام، وإن كانت إمرأة فهي عاهرة مومس لا خلاق لها. كيف بربّكم تطلقون النّعوت والقذف جزافا ودون تحرّي؟ فهذه أرملة تصبح طليقة لأنّها "يساريّة كافرة"، ثمّ تعيدون لها صفتها كأرملة بقدرة قادر، تتنازع الميراث المقدّر بالميليارات-حسب رواياتكم-. كيف تزكّون أناسا عُرِفوا بين الخاصّ والعام بخدمتهم المتفانية للنّظام السّابق لأنّ النهضة زكّتهم، وتوغلون في سبّ وشتم معارضين شهد لهم القاصي والدّاني بنزاهتهم وشرفهم ونضالهم ضدّ المخلوع، على خلفيّة ايديولوجيّاتهم؟ كيف تصمتون على النّهضة في تقاعصها و خوفها من تطبيق القانون، وتأخيرها المفضوح في إرساء المحاسبة القانونيّة والإصلاح؟ كيف ترفعون شعار "إكــبــس" لكن النّهضة لا "تــكبـس" و تسكتون؟ أتمثّل النّهضة في مسرحيّةإكبس و أنتم معها تمثّلون؟

كيف لا تقرّون بفشل الحكومة بعد تنطّعٍ وقيلٍ وقال في الوقت الذي أقرّ به رئيسها وأذعن للأمر الواقع؟ أم أنّهم همسوا لكم بأنّها خدعة من خدع "خبراء الغوص" ليمرّوا بنا و بكم من قعر المحيط إلى شاطئ السّلامة بجزر "واق الواق"؟ كيف لا تسألون أنفسكم عن استقلاليّة القضاء التي رفضتها النّهضة أمام كلّ التّونسيّين و على الهواء مباشرة؟ وعلى تسميات قضاة ووكلاء عامّين تفنّنوا في الرّشوة والفساد؟ كيف لا تتساءلون عن الكذب الفاضح حين يعلن قياديّو النّهضة عن افشاء قائمات الفساد والبوليس السّياسيّ في عدّة مرّات و مرّات ومرّات؟ وفي كلّ مرّة بنفس الأسلوب:" الأسبوع القادم". ربّما هناك أسبوع يعرفه "خبراء الغوص" إسمه "قــادم" يأتي مرّة في كلّ  3/4 القرن ويتزامن مع مرور مذنّب "هالي"، فلننتظر سنة2062

كيف لا تتساءلون عن عدم اعتماد النّهضة عن برنامج واضح، سواءا في التّنمية أو الإقتصاد أو الإصلاح التّربويّ أو المهنيّ أو البحث العلميّ أو الثّقافي..أو...أو...؟ وتطبّق البرامج السّابقة لبن علي. هل قامت الثّورة لإبدال شخص بشخص؟ هل يشعر المواطن -صراحة- بتغيير أتت به النّهضة، بخلاف غلوّ الأسعار واختفاء بعض المواد الأساسيّة؟ لماذا لا تتساءلون :"من يمسك بمقاليد الأمور و من بيده الحلّ والعقد؟" قبل أن تستغربوا من تواصل تهريب خيرات البلاد و مواصلة رجال الأعمال الفاسدين -مثل كمال لطيّف- عبثهم وتعطيلهم للمسار، أفلا حتّى تستغربون؟ كيف تُصَمُّ آذانكم وتتوقّف الدّورة الدّمويّة في أدمغتكم حين يصدع رجال لهم  باع وذراع - وكنتم قد بالغتم في إطرائهم بأنفسكم- بما لا يجب السّكوت عنه في حقّ النّهضة من إخلالات و نقائص، و ما ينقصكم إلّا نعتهم بالإرتداد، فهم ممّن نقص عقلهم وقلّت خبرتهم في الغوص في المحيطات السّياسيّة-حسب رأيكم-. كيف تعمدون إلى التّستّر عن هذه النّقائص بإفشاء تعلّات واهية من قبيل "لا نريد لتونس أن تكون كمصر ولا نريد تقليد مرسي"، فأدخلتم الحابل بالنّابل، وبيّنتم لسامعيكم أنّكم لم تفقهوا الفرق بين هيبة الحكم بحزمه في تطبيق القانون -دون ظـــلـــم- والتّعسّف المقيت، و بين الصّلابة في التّصدّي لمدمّري مكاسب البلاد والطّغيان المتعجرف

فبالله عليكم انتقلوا من فصيلة البسطاء النّاسخين للحديث والنّاقلين له بتعلّة النّصرة للحقّ، إلى فصيلة الرّاشدين من الرّجال ذوي الرّأي والمشورة، فبهذا يمكن للنّهصة أن تنهض، وإلّا فإنّ حملكم الثّقييييييييل سيرهقها وستغرق بكم في غوصة من غوصاتها

5 septembre 2013

"الـــــــــفـــــــشــــــــلا مـــــــــة"

الظّاهر أنّنا بدأنا نعدّ لفترة "تفشليم" جديدة...

فعن أيّ صنع واختراع وإبداع تتحدّثون ؟؟؟ نيّة الخروج من التّخلّف ليست خروجا منه، و نيّة الإبداع والإختراع ليست إبداعا و اختراعا، بل النّيّة يجب أن يصدّقَها العمل، وعملُنا إلى حدّ الآن ليس إلّا استعمالا لمنظومات صنعها الغرب وبسّطها لنا لنشتريها منه ونستعملها لتزداد أرباحه، وهو يستطيع أن يحجبها عنّا متى أراد -بحسب مصالحه-. وكلامكم عاطفيّ ليس إلّا، وكأنّكم تريدون إرجاعنا إلى زمن التّهييج العاطفيّ الذي يتلخّص في أنّنا أبطال و لا يُشقُّ لنا غبار (تذكّروا القادة العرب ما بين الخمسينات والسّبعينات). فشبكات الإعلاميّة والأنترنات و"الفايس بوك" و مولّدات الطّاقة التي تعمل بها والمواصلات والٌأقمار الصّناعيّة والأسلحة والتّكنولوجيا بصفة عامّة، لا أظنّ أنّنا من صانعيها أو شاركنا في صنعها، وحتّى إن تمكّنّا منها، فتمكّننا لا يزيد عن معرفة الإستعمال. وإن قلتم أنّ لنا علماء ومختصّون، فهم نتاج للغرب ويعملون لديه، والإنسان مهما كان جنسه و لونه مؤهّل لكي يرتفع إلى أعلى المستويات بشرط أن يعي بوضعه الحقيقيّ وأن يعمل على تحسينه. ليس من تحدّث بعقلانيّة وتبصّر من فئة الإنهزاميّين، وليس من تكلّم بعاطفة جيّاشة وهيّج الأحاسيس هو بطل مغوار، فما أظنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم كان انهزاميّا حين وقّع صلح الحديبية رغم معارضة جهابذة الصّحابة، ولكنّه كان واعيا بوضع المسلمين وقوّة العدوّ.

المسلم الحقّ، إذا كان قويّا، يستعمل قوّته في صمت بدون شوشرة وبدون إفسادِِ في الأرض (تذكّروا الفتوحات ووصايا الرّسول صلّى الله عليه وسلّم)، والمسلم الضّعيف يعمل على اكتساب القوّة في صمت وبدون شطحات دروشيّة (وأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ *الآية*... استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان *الحديث*). فلا تُضحكوا علينا أناسا بأيديهم مفاتيح الإعلاميّة والأنترنات. وبواقعيّة ودون مركّب نقص، ما نحن إلّا من مستعملي منظومات وضعها هؤلاء، من حواسيب و برامج تشغيل و برمجيّات اتّصال، ثمّ بسّطوها باستهجانها لتسهيل نشرها في الأسواق وتقريبها إلينا، حتّى أصبح الأبكم المأفون منّا يُنزل "ويندوز" أو"لينيكس" في لمح البصر ويُبحر على "الأنترنات" دون كنهٍ أو علمٍ بالمراكب والشّراعات، كالرّاعي البدويّ وجد نفسه فجأة في شوارع "نيو يورك"، وحتّى باحثونا و مقدّمو أطروحات الدّكتوراه من أبنائنا، يقتصرعملهم، بالنّسبة للأغلبيّة السّاحقة منهم، على البحث في ما بحث فيه أبناء الغرب في مخابرهم، ثمّ تنزيله وتزويقه وتقديمه بأسمائهم، وجامعات الغرب واعية تمام الوعي بهذا و قابلة به، ولتنتفخ أوداج الأغبياء، فالغرب يشجّع على الإنتفاخ "الهوائيّ"، وبذلك تنمو أرباحهم و يتعمّق استعبادهم لنا. وليس هذا الكلام من قبيل هبط العزائم وقتل الهمم، بل إشارة إلى تغيير مناهجنا وكيفيّة أخذنا بأسباب العلوم والمعارف.

وفي هذا المجال، يُطلّ علينا بعض المأفونين وهم يتشدّقون بمشاريع صنع الطّائرات والحواسيب و السّيّارات وغيرها من الآليّات والتّكنولوجيّات، سواءا منها المدنيّة أو العسكريّة، وهم غير واعين بأنّ أبسط آلة من هذه التّكنولوجيّات تتفرّع إلى عشرات الإختصاصات وربّما المئات، وحتّى آلات صنعها تتفرّع إلى آلات وآليّات أخرى تتطلّب اختصاصات متعدّدة. والأخطر من هذا، هو أنّ الغرب ربّما يوافق على ترك المجال لبلدٍ ما، في اكتساب كلّ هذه الخبرات والعمل بها، ولكن ..في حدود مُعيَّنة..هو يعرفها ويعرف كيف يسيطر عليها في الإبّان. ولا لوم على المواطن الغير المختصّ أو الجاهل بخبايا التّكنولوجيا، بل اللّوم على أهل الذّكر من مختصّين وباحثين ودكاترة، الذين يضعون أنفسهم في موضع الحمار يحمل أسفارا.

فلنعمل أوّلا على تخطّي الهوّة السّحيقة التي بيننا و بينهم، وبعدها ...لكلّ حدث حديث، ولكن بكامل التّواضع من فضلكم، حتّى وإن وصلنا إلى التّحكّم في هذا الكون بأكمله.

5 septembre 2013

مختصّون في التّقديس

مختصّون نحن في خلط الحابل بالنّابل، وفي تقزيم من    نشاء وتقديس من نريد. نحن نتباهى بأنّنا واعون ومثٌقفون و عارفون بأسرار الحكمة والتّبصّر والرّأي السّديد. ولسداد رأينا وحكمتنا فإنّنا نكيل التّهم لكلّ من عارضنا الرّأي و خالفنا الأفكار ورأى حقائق    لم نرها. نحن نعتمد في آرائنا على معطيات نرى أنّها صحيحة تاريخيّا، والحال أنّها مُسقطة في أذهاننا اسقاطا أحاديّ الجانب انفراديّ المنبع، لا حوار فيه ولا منازع. و منّا من وعى هذا الشّيء فينا، ولغاية    في نفس يعقوب، كرّسه و أمعن في إيغاله في أعماقنا مستعملا كلمات الحقّ التي يراد بها باطل، من وطنيّة و حداثة و تاريخ و نضال و سؤدد و بطولات وجهاد و أنفة وعزّة وكرامة. والويل والثّبور لكلّ من تحدّثه    نفسه بإسداء رأي مخالف، فهو ظلاميّ متخلّف رجعيّ حقود جاهل، ولا يريد خيرا لهذه البلاد ولا "يفقه" معنى الوطن والمواطنة والوطنيّة. هم يقدّمون لنا نمطا رأوا فيه المثاليّة و زعموا أنّه الوحيد والأوحد    الذي يجب اعتماده، والذّلّ والعار لمن لم يتبنّاه. هم لا يريدون حتّى التّدقيق العلميّ والتّمحيص التّاريخيّ في ما هو غثّ وسمين حتّى يتسنّى لنا إعطاء قيصر ما لقيصر بأسلوب علميّ معمّق و "صحيح". هم لا    يريدون التّسليم بأنّ التّاريخ لا يُكْتب من جانب واحد، خصوصا إذا كان كاتبه هو أحد الفاعلين فيه، وأنّ له معاصرون شاركوه و نازعوه فتراته و وقائعه ومُجْرياته. هم يريدون أن يُفْهموا شعبنا أنّ كلّ من    نقد "تاريخهم الذي كتبوه" هو ينقد ويمسّ ويُلَطّخ تاريخ تونس وحضارتها، وكلّ من طعن في "محاضراتهم الأحاديّة الجانب" هو يُهمّش و يقزّم تاريخ البلاد بأسرها من علّيسة إلى ثورة 14/17. هم يريدون أن    يوهموا شعبنا بأنّ البلاد قبل سيّء الذّكر الذي فرّ لا يلوي على شيء، كانت منارة يهتدي بها الحائر التّائه، ومثلا يحتذى به في العزّة والكرامة والشّموخ، و أنموذجا في الرّقيّ والتّقدّم والحداثة، والويل    لمن يقول عكس ما قيل، فهو متنكّر لوطنه خائن جاحد. ومن شعبنا أناس بسطاء -وليس في هذا تحقير- ممّن عايشوا فترة الإستقلال، ملأت آذانهم أبواق احاديّة المصدر، تمجّد لمن كان يخطّ ويكتب تاريخ البلاد    لوحده، في خطبه ومحاضراته دون مناقش أو مصحّح أو رقيب مؤرّخ، فبثّ في أذهانهم الصّورة التي أراد، فإذا بتاريخ الحركة الوطنيّة و مناقب "زعيمها الأوحد" وحكمته وخصاله تتحوّل كلّها إلى السّورة رقم 115 من    القرآن الكريم -أستغفر الله- لا نقاش فيها ولا جدال، وكأنّ هذه البلاد التي يقولون عنها أنّها ولّادة ويعظّمون من شأنها لم تنجب مثل فذّ الأفذاذ و أكبر الكبار و أعظم من خطى خطوة على هذه الأرض، والذي    لولاه لما كنّا تحرّرنا و تثقّفنا و تعلّمنا كيف نستحمّ ونلبس ونسعد في حياتنا. ومن شعبنا شباب لم يعايش فترة الإستقلال، تناهى إلى سمعه هذا الطّرح فتبنّاه دون التّدقيق في حقيقته التّاريخيّة العلميّة،    وأصبح بذلك أرضا خصبة جاهزة لتقبّل كلّ المشاتل المعروضة من زارعي نظريّة "الوطنيّة" حسب النّمطيّة التي يسوّقون لها والمنهج الذي ينادون إليه. فلهؤلاء نقول :عن أيّ ذاكرة وطنيّة نتحدّثون؟ عن تلك التي    خطّها وكتبها المرحوم بورقيبة كما أراد؟ عن تلك التي صاغ معناها و رتّب جملها و تحكّم في كنهها ووجّهها إلى شخصنته وتقديسه كما حلا له، دون معارض لما قال ودون تصحيح من مؤرّحين صادقين موضوعيّين ؟ ثمّ    هل كتِب علينا أن نبقى مرتبطين بالنّمط الذي سطّره بورقيبة وكأنّ تاريخنا وحضارتنا وبلدنا تجمّعت وانحصرت وانحسرت فأنتجت النّمط البورقيبيّ فحسب؟ هذا هو التّقزيم بعينه، وهذا هو التّحقير الحقيقيّ وهذا    هو التّصغير لشعب بأكمله. يا سادة، إفهموا أنّ أمثال بورقيبة رحمه الله في إفريقيا بالعشرات، وكلّهم اعتمدوا نفس المنهج في غسل أدمغة شعوبهم وملئها بمثل هذه التّرّهات. اسألوا المغاربة عن الحسن الثّاني    والجزائريّين عن بومدين والمصريّين عن جمال والسّينغاليّين عن سنغور... واسألوا عن باتريس لومومبا وعن سيكوتوري و عن جومو كينياتا و عن هوفوات بوانيي و عمر بانغو...و غيرهم كثير، ولكن القاسم المشترك    بينهم هو التّقديس والتّأليه والبهرج المبالغ فيه، والشّعوب المتخلّفة تتباهى بزعمائها في نشوة عارمة "كلّ حزب بما لديهم فرحون"، وإيّاك ثمّ إيّاك أن تنتقد واحدا منهم أمام مواطنيه لأنّه يجيبك بأنّه هو    من أسّس الدّولة و علّم الأجيال و أعطى البلاد ما أعطاها من سيادة و سياسة حكيمة أعلت شأنها بين البلدان. وهذا الكلام ليس نظريّا أو موجّها لأغراض سياسيّة تفيد جهة من الجهات، فلا نداء تونس يعنيني ولا    النّهضة ولا الجمهوري ولا الجبهة ولا العريضة ولا وفاء ...الخ...-طزّ و ألف طزّ في الكلّ-، ولكنّه واقعيّ حقيقيّ ملموس، لمن لم تُصَمّ آذانه بالهرسلة الإعلاميّة المتواصلة لعشرات السّنين منذ الأستقلال،    الحاملة للشّخصنة والتّقديس ليلا نهارا. أعطوني شعبا وحيدا واعيا متحضّرا ممّن يقودون العالم بأسره الآن، يحتفلون بطريقتنا نحن ويبالغون في إظهار مناقب أقطابهم: من أيزنهاور إلى تشيرشيل إلى ديقول    والقائمة تطول... أعطوني أغنية واحدة من أغانيهم الوطنيّة يلوكونها في مناسبة أو في أخرى. أفنحن الوطنيّون وهم لا يفقهون الوطنيّة؟ أفنحن الأبطال والرّجال وهم ناقصي بطولة أو رجولة؟ أفنحن جهابذة    الشّهامة والكرامة والعزّة والأنفة لوحدنا؟ ألم نفهم أنّ الله خلق الإنسان من معدن واحد وطينة واحدة، أم أنّنا ننتمي إلى جنس آخر من المخلوقات؟ ألم نفهم أنّ الدّولة الحديثة تُبْنى على مِؤسّسات قويّة    وقوانين صلبة لا على أشخاص وزعامات؟ ألم يأن لنا أن نتخلّص من "حكيم زمانه" و"عبقرينو عصره"، ونؤسّس لبلد عتيد بمؤسّساته و تشاريعه ومنظوماته الرّاسخة القويّة التي تبقى شامخة بقطع النّظر عن "السّلطان    زحزح" وعن هذا الحاكم أو غيره؟ لماذا نربط مصيرنا بعدل من حكمنا أو ظلمه؟ ألا يجول بخاطرنا أنّ هذا البهرج في الإحتفالات والتّطبيل والغناء بعنوان الوطنيّة هو يمثّل فعليّا "كلمة حقّ أريد بها باطل؟    لماذا ننعت كلّ من لم يتّبع هذا المنوال بأنّه غير وطنيّ و يستصغر ويتهاون وينسف و يقزّم الوطن وتاريخه وحضارته؟

Publicité
Publicité
4 septembre 2013

الحكم حزم

عندما تُشَنُّ الحرب بين دولتين، يعْمَدُ كلّ جيش إلى تقويض المنشآات الحيويّة للطّرف المقابل، بِدَكّ بنيته التّحتيّة من طرقات وجسور ومسالك توزيع ومنظومات اتّصال بأنواعها، و تهديمِ أو تعطيلِ المُؤسّسات الإقتصاديّة من مصانع كبرى وآليّات انتاج، بغاية إضعاف البلاد وشلّها ثمّ انهيارها وتركيعها. ففنّ الحرب لا يقتصر على مقابلةٍ بين جيشين تنتهي بحساب الخسائر البشريّة من هذا الطّرف أو ذاك، فهذه تُعَدُّ مرحلة بسيطة بالمقارنة مع غيرها  من مراحل الحرب

 

وبالمُوَازاة مع ما ذُكِرَ آنفًا، فإنّ من قطع طريقا أو مسلكا حيويّا، ومن شلّ حركةً انتاجيّة لمنشأة إقتصاديّة بتعطيلها أو تخريبها أو حرق معدّاتها أو التّأثير السّلبيّ في إنتاجها، يُعَدُّ عدوّا محاربا يتصرّف بنيّة التّخريب والهدم، ويجب التّعامل معه بمثل هذه الصّفات، وليس في هذا الكلام مبالغة أو شططا أو تعسّفا، لأنّ نتيجة فعله هي نفس نتيجة الحرب المدمّرة ضدّ دولة غازية. فما الفرق بين أخٍ وضع الحبل حول رقبة أخيه، وبين غريب وضع نفس الحبل على نفس الرّقبة؟.. النّتيجة واحدة، والفعل نفس الفعل، والتّعامل مع هذا أو ذاك يجب أن يكون نفس التّعامل، دون تردّد أو تلكّئ أو ارتعاش

ولا شكّ أنّ العمل النّقابيّ والتّظاهر والمطالبة بالحقوق والنّقد اللّاذع لمن بيده السّلطة ومعارضته ومحاولة إرباكه، كلّها حقوق مشروعة ومضمونة، ما لم تَرْتقِ إلى درجة الإفساد والتّخريب والهدم، لأنّها بذلك تصبح حربا، والتّعامل في الحرب عند أولي العزم من الحكّام ...تَشْخَصُ فيه الأبصار. أمّا من يخلط من الحكّام بين الحزم والرّفق، والعزم و الظّلم، والعدل والمحاذاة، ويتصرّف بارتعاش في كلّ نائبة، ويتردّد في أخذ القرار، ويحتمي بظلمة اللّيل في إصدار أوامره، ويلجؤ لأولي الخبرة من الفاسدين لقلّة خبرته، ويتلكّؤ في محاسبة الظّالمين لخوفه من بأسهم، ويتراجع في القرار على إثر صَيْحَة سمعها من هنا أو هناك، ويُرَكِّز على نضاله و وَرَعِه وتقواه في جلب عطف شعبه، ويرفع راية حماية الدّين من الكفر، كأنّ الرّبّ حافظ هذا الدّين يحتاجه لحمايته، فهو كغيره من الحكّام المرتعشين ممّن ذُكِر في تاريخ حضارتنا، ومآله نفس المآل

فإلى من بيده مقاليدُ الأمور من أُولي أمرِنا، يا من بَوَّأَكم ربّكم مكانةً ما كنتم بمنتظريها، يا من آتاكم مالِكُ المُلكِ مُلْكًا كنتم منه يائسين، يا من نقلكم مُدَبِّر شؤون هذا الكون من لاجئين مُسْتَضعفين إلى أعزّاء حاكمين، مالكم كيف تحكمون؟ بأيّ منطق في الأحداث تحلّلون؟ لأيّ حاجة في أنفسكم ترغبون؟ ممّا تخافون؟ لماذا تتردّدون؟ فإن قلتم "تلك أمور خافية عنكم" فأنتم مُخطئون، و إن قلتم "هي السّياسة والتّكتيك" فأنتم خبط عشواء تخبطون، وإن قلتم "هو الرّفق والعطف" نقول هي الدّروشة والخوف. أراكم كقومٍ أنزل الله عليهم مائدة من السّماء، ما طلبوها وما سَعَوْا لنَيْلِها، يوشكون أن يتركوها للضّباع لتنهش منها ومنهم، فيعودوا كما كانوا عليه

4 septembre 2013

تقديس

من نزّه نفسه بين عموم النّاس في مطلق الأشياء، أو نادى بتنزيهها بينهم أو هو سكت وقبل تنزيه غيره له واعتمد على الإطراء والمديح في إدارته وتسييره للأمور، فقد سار على نهج المتسلّطين من الحكّام. فما الفرق بين من دعا أو دُعِيَ له بين النّاس بالزّعامة، و أشهر أو أُشْهِر لسداد رأيه وحكمته وعلوّ كعبه، معتمدا في ذلك على نضاله ومقاومته و جهاده، مستأثرا بالسّلطة ومستبدّا في الحكم، وبين من نُزِّهَ أو نزّه نفسه من العيوب، وطلب أو قَبِلَ بإيلائه رِفْعَة المقام الحائل دون النّقد والمساءلة معتمدا في ذلك على نضاله وجهاده و..... تقواه؟؟؟ ليس هناك أيّ فرق، والعملة نفس العملة ولكن بوجهين فيهما تشابه كثير وبعض الإختلاف، الوجه الأوّل يصوّر لنا نضالا وجهادا و حكمة و خبرة و وطنيّة و استنارة وحداثة و نظافة يد، والوجه الثّاني يرسم لنا نضالا وجهادا و تضحية و وطنيّة و عقلا مستنيرا ووسطيّة وصلاحا و تقوى تعفينا من التّفكير في نظافة اليد لأنّها أمر مضمون ومحسوم -بالتّقوى-. والويل والثّبور لمن تجرّأ على فتح باب التّساؤل عن فرضيّة الخطأ أو إمكانيّة الزّلل لهؤلاء المُنَزَّهين وكأنّهم معصومون، فأنصار أولئك وأتباع هؤلاء يجيبونكم بنفس الأسلوب "الأعمى": كيف لكم أن تشكّكوا في أقوال أو أعمال أخيارنا؟؟؟ ألا تعرفون نضالاتهم وتضحياتهم؟؟؟ ألا تتّقون الله فيهم؟؟؟

من قال أنّنا لا نتّقي الله فيهم؟ ومن قال أنّنا ندينهم أو نسيء الظّنّ بهم؟ ومن قال أنّنا لا نعرفهم حتّى نسأل من يعرفهم ليعطونا فيهم شهادة تنزيه تلجم أفواهنا وتغمض أعيننا و تدفن عقولنا؟ فقط نحن نقول أنّنا لا نؤمن بعصمة أيّ كان ما عدا الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، أم أنّ لهؤلاء رأي في عصمتهم؟ فالوقائع التّاريخيّة المتّفق عليها تنبئنا بأنّ من نكبات المسلمين ومن أسباب انحطاطهم تنزيههم لأولي أمرهم وتقديسهم لشيوخهم وترك حبالهم على الغارب "عاقدين فيهم النّيّة" كما أصبحنا نقول، حتّى امتلأت قرانا و أريافنا ومدننا وبلداننا بأضرحة "أولياء الله الصّالحين" التي تمثّل أعلى نسبة على الإطلاق في تراثنا المعماريّ. وما كان ذلك قي العهد الإسلاميّ الأوّل، بل بدأ ينتشر في أوائل عهود الإنحطاط. و ليس من واجب المسلم أن يغمض عينيه في اتّباع من أولاهم أمره، فالعاقل الكيّس ليس إمّعة ينقاد من أذنيه ويوافق على الأبيض والأسود، ممّن "يَنْزِل به الأمر فلا يعرفُه فيأتي ذَوِي الرَّأي فينْزِل عند رأيهم(الفاروق)"، وحجّته في ذلك نقاوة و طهارة ونضال من هم في الحكم. فأسياد هؤلاء -وأسياد أسيادهم- صرّحوا بواضح القول بنصح الحاكم وتقويمه وردعه :"وُلِّيتُ أَمَرَكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ ، فَإِنْ أَنَا أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي وَإِنْ أَنَا أَسَأْتُ فَسَدِّدُونِي(الصّدّيق)"، و"لا خير في قوم ليسوا بناصحين(الفاروق) ". وفوق هذا و ذاك، فإنّ زمن التّعويل على الحظّ في انتظار الحاكم العادل قد ولّى وانتهى، وهذا زمن التّأسيس للقانون العادل والمؤسّسات القويّة مع منظومات مراقبة مستقلّة، وما الحاكم إلّا مواطن ذو مستوى معرفيّ و ذهنيّ يؤهّله لتنفيذ اختيارات المجموعة الوطنيّة تحت الرّقابة، فإن انعدمت الرّقابة بدأ التّدهور. فافهموا هذا إن كنتم من الفاهمين ذوي الرّأي والمشورة، وإلّا فأنتم سائرون مع من سار في القطيع، تاركين أموركم ومصيركم ومستقبل أوطانكم لضربات الحظّ.

4 septembre 2013

قليل من التّواضع

نحن نفتخر بنسائنا ونهلّل لهنّ، وما افتخارنا بهنّ إلّا افتخار بحضارتنا، ولكن لا داعي لاستعمال "أفعل التّفضيل" مثل "أوّل" و "أحسن" و "أعظم" و"أذكى"، لأنّ أشقّاءنا من العرب لهم أقوال و مواقف أخرى مغايرة لما نقول، وما عليكم إلّا الإطّلاع على ما يقول إخواننا المصريّون والمغاربة والجزائريّون في خصوص نسائهم. ولا شكّ في أنّ مجلّة الأحوال الشّخصيّة التّونسيّة وما تحتويه من حقوق وحرّيّات للمرأة تُعدّ رائدة في العالم العربيّ بفضل الإرادة السّياسيّة ممثّلة بالخصوص في شخص الرّئيس الحبيب بورقيبة الذي تبنّى وطبّق الأفكار المستنيرة ل"الطّاهر الحدّاد" الذي بدوره تأثّر بمواقف وأفكار وكتابات المصريّ "قاسم أمين" الذي سبقه في هذا المجال. فحضارة الإنسان، ومنذ بدء الخليقة، شموليّة و متكاملة، يتأثّر كلّ مجتمع بشريّ بما تستنبطه المجتمعات الأخري، سواءا في الميادين الإجتماعيّة والإقتصاديّة أو ميادين الإكتشافات والإختراعات والإبداعات الفنّية. فعلينا أن نترك التّباهي المغلوط والنّرجسيّة المفرطة بتعلّة الوطنيّة، ولنترك لأنفسنا مجالا للتّواضع، لأنّ من يبالغ في التّباهى بذاته..."العفو سوف لن أقولها" اه

4 septembre 2013

حقائق بورقيبة

ينعقون و يصيحون و يولولون متشبّثين بتلابيب بورقيبة -إن بقيت- علّهم يتوصّلون إلى خداع من يظنّ أنّ بورقيبة -رحمه الله وغفر له ما أخطأ و ما أساء وزاد في حسناته ما أحسن و أصاب- هو وليّ نعمة كلّ التّونسيّين وباني نهضتهم و محرّر نساءهم و صانع ثقافتهم و باني دولتهم الحديثة، وإنّه إن كان ديكتاتورا فديكتاتورا مستنيرا حاذقا أبويّا. ألا يسأل هؤلاء أنفسهم : من علّم و ثقّف شعوب السّينيغال والكونغو والكامرون والمغرب والجزائر ومصر و ماليزيا و كوريا وليبيريا ونيجيريا...و...؟ فإن قالوا كالعادة "نحن خير منهم"، أقول لهم "فيق على وضعك وارخيك بلا تعكعيك". فهل في هذه البلدان توائم لبورقيبة أم أناس آخرون؟ سيقولون هو من حرّر المرأة...أقول لهم : ما فعله لا يعدو أن يكون تطبيقا لمن سبقه من المصلحين كقاسم أمين و الطّاهر الحدّاد لأنّ السّلطة آلت إليه بعكسهم هم، و بارك الله فيه على تطبيقه لهذا الأمر، ولكن لا تعطوا الشّخص أكثر ممّا يستحقّ. هو ساعد على التّعليم حقّا، ولكنّه أنتج متعلّمين مثٌقّفين من فصيلة الإمّعة الذين لا ينبتون أمامه ببنت شفة طائعون صاغرون مطأطئو الرّؤوس. زيادة على هذا، تأكّدوا أنّ مشروع التّعليم هو منظومة عالميّة أقرّها الحلف بعد الحرب العالميّة الثّانية، ليستبدل استعماره من استعمار عسكريّ باحتلال الأرض إلى استعمار ثقافيّ تجاري، لا يستطيع تفعيله مع أمّيّين-بيع التّقتيّات والأسلحة...الخ..- فارجعوا إلى تواريخ استقلال كلّ بلداننا فستجدونها جاءت في نفس الفترة بين الخمسينات وأوائل السّتّينات. ولا أطيل عليكم ّ أقول: أنّهم لإنجاح مشروعهم الإستعماري الجديد، اختاروا مَن ينوبهم في كلّ بلد ليحفظ مصالحهم، وحتّى الذين استعصوا عليهم أنهكوهم وفي الختام أذعنوهم ولا يزالون. صحيح أنّ بورقيبة فصيح و مثقّف و صاحب رأي راجح خصوصا في السّياسة الخارجيّة ولا نجحد عليه ذلك، ولكنّه خبيث متسلّط ذو نزعة ديكتاتوريّة تمحق الأخضر واليابس وكلّ ما حوله. أمّا اقتصاديّا فقد أدخل البلاد في أزمات عدّة أفلست البلاد عدّة مرّات، ولا يستنكف من ذلك، ويمسحها في أحد أعضاده: أذكروا بن صالح ثمّ الباهي الأدغم ثمّ الهادي نويرة ثمّ مزالي ثم البشير صفر ، وكان يعدّ نفس الشّيء مع بن علي إلّا أنّه سبقه وانقلب عليه....فمصائبنا يا من تربّيتم على أخلاق العبيد و لعق أحذية الأسياد، سببها سيّدكم الذي تريدون إعادة تاريخه الأظلم -رحمه الله

Publicité
Publicité
Publicité
Archives
Visiteurs
Depuis la création 22 622
Publicité