Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
La terre est ma patrie et l'humanité, ma famille
4 septembre 2013

تقديس

من نزّه نفسه بين عموم النّاس في مطلق الأشياء، أو نادى بتنزيهها بينهم أو هو سكت وقبل تنزيه غيره له واعتمد على الإطراء والمديح في إدارته وتسييره للأمور، فقد سار على نهج المتسلّطين من الحكّام. فما الفرق بين من دعا أو دُعِيَ له بين النّاس بالزّعامة، و أشهر أو أُشْهِر لسداد رأيه وحكمته وعلوّ كعبه، معتمدا في ذلك على نضاله ومقاومته و جهاده، مستأثرا بالسّلطة ومستبدّا في الحكم، وبين من نُزِّهَ أو نزّه نفسه من العيوب، وطلب أو قَبِلَ بإيلائه رِفْعَة المقام الحائل دون النّقد والمساءلة معتمدا في ذلك على نضاله وجهاده و..... تقواه؟؟؟ ليس هناك أيّ فرق، والعملة نفس العملة ولكن بوجهين فيهما تشابه كثير وبعض الإختلاف، الوجه الأوّل يصوّر لنا نضالا وجهادا و حكمة و خبرة و وطنيّة و استنارة وحداثة و نظافة يد، والوجه الثّاني يرسم لنا نضالا وجهادا و تضحية و وطنيّة و عقلا مستنيرا ووسطيّة وصلاحا و تقوى تعفينا من التّفكير في نظافة اليد لأنّها أمر مضمون ومحسوم -بالتّقوى-. والويل والثّبور لمن تجرّأ على فتح باب التّساؤل عن فرضيّة الخطأ أو إمكانيّة الزّلل لهؤلاء المُنَزَّهين وكأنّهم معصومون، فأنصار أولئك وأتباع هؤلاء يجيبونكم بنفس الأسلوب "الأعمى": كيف لكم أن تشكّكوا في أقوال أو أعمال أخيارنا؟؟؟ ألا تعرفون نضالاتهم وتضحياتهم؟؟؟ ألا تتّقون الله فيهم؟؟؟

من قال أنّنا لا نتّقي الله فيهم؟ ومن قال أنّنا ندينهم أو نسيء الظّنّ بهم؟ ومن قال أنّنا لا نعرفهم حتّى نسأل من يعرفهم ليعطونا فيهم شهادة تنزيه تلجم أفواهنا وتغمض أعيننا و تدفن عقولنا؟ فقط نحن نقول أنّنا لا نؤمن بعصمة أيّ كان ما عدا الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، أم أنّ لهؤلاء رأي في عصمتهم؟ فالوقائع التّاريخيّة المتّفق عليها تنبئنا بأنّ من نكبات المسلمين ومن أسباب انحطاطهم تنزيههم لأولي أمرهم وتقديسهم لشيوخهم وترك حبالهم على الغارب "عاقدين فيهم النّيّة" كما أصبحنا نقول، حتّى امتلأت قرانا و أريافنا ومدننا وبلداننا بأضرحة "أولياء الله الصّالحين" التي تمثّل أعلى نسبة على الإطلاق في تراثنا المعماريّ. وما كان ذلك قي العهد الإسلاميّ الأوّل، بل بدأ ينتشر في أوائل عهود الإنحطاط. و ليس من واجب المسلم أن يغمض عينيه في اتّباع من أولاهم أمره، فالعاقل الكيّس ليس إمّعة ينقاد من أذنيه ويوافق على الأبيض والأسود، ممّن "يَنْزِل به الأمر فلا يعرفُه فيأتي ذَوِي الرَّأي فينْزِل عند رأيهم(الفاروق)"، وحجّته في ذلك نقاوة و طهارة ونضال من هم في الحكم. فأسياد هؤلاء -وأسياد أسيادهم- صرّحوا بواضح القول بنصح الحاكم وتقويمه وردعه :"وُلِّيتُ أَمَرَكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ ، فَإِنْ أَنَا أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي وَإِنْ أَنَا أَسَأْتُ فَسَدِّدُونِي(الصّدّيق)"، و"لا خير في قوم ليسوا بناصحين(الفاروق) ". وفوق هذا و ذاك، فإنّ زمن التّعويل على الحظّ في انتظار الحاكم العادل قد ولّى وانتهى، وهذا زمن التّأسيس للقانون العادل والمؤسّسات القويّة مع منظومات مراقبة مستقلّة، وما الحاكم إلّا مواطن ذو مستوى معرفيّ و ذهنيّ يؤهّله لتنفيذ اختيارات المجموعة الوطنيّة تحت الرّقابة، فإن انعدمت الرّقابة بدأ التّدهور. فافهموا هذا إن كنتم من الفاهمين ذوي الرّأي والمشورة، وإلّا فأنتم سائرون مع من سار في القطيع، تاركين أموركم ومصيركم ومستقبل أوطانكم لضربات الحظّ.

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité
Archives
Visiteurs
Depuis la création 22 675
Publicité